-->

التأريخ الإسلامي



كان العرب قديما يؤرخون بالأحداث الهامة، و في السنة الثانية من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، بدأ التأريخ الإسلامي.
جاء رجل إلى الخليفة عمر رضي الله عنه يشكو آخر، كان قد أقرضه مالا و هو يرفض خلاصه في موعده، و قدم حجة بذلك. لم ينكر الخصم ما عليه، لكن بين أن الأجل المتفق عليه هو شهر شعبان للعام المقبل و ليس شهر شعبان الحالي. فسأل عمر رضي الله عنه: " أي شعبان ؟ أشعبان هذا العام الذي نحن فيه، أو العام الماضي، أو الآتي؟".


جمع عمر رضي الله عنه الصحابة، وكان لا يقضي أمرا دون مشورتهم، فأخبرهم عن رغبته في اتخاذ تأريخ خاص بالمسلمين. ثم سألهم: من أي يوم نكتب التاريخ؟
 قال بعضهم: أرخ لمولد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال آخرون: بل بوفاته عليه أفضل الصلاة و  السلام . وقال بعضهم : أرخ لهجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال آخرون: بل لمبعثه عليه الصلاة و السلام ، فقال عمر: لا بل نؤرخ لمهاجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فإن مهاجرته فرق بين الحق والباطل". و اتفق معه الجميع على ذلك.
ثم تشاوروا: ومن أي الشهور نبدأ؟ فقال بعضهم : من رمضان، لأنه شهر عظيم نزل فيه القرآن. فقال آخرون: من ربيع الأول لأنه الشهر الذي قدم فيه الرسول صلى الله عليه و سلم المدينة مهاجرا.
و اختار عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، أن يكون من المحرم،  لأن ابتداء العزم على الهجرة كان فيه و هو شهر حرام يلي ذا الحجة الذي يؤدي فيه المسلمون فريضة الحج آخر أركان الإسلام.

و هكذا في 12 من ربيع الأول من عام 16 للهجرة، وقع اعتماد الهجرة النبوية الشريفة كتقويم لتأريخ الإسلامي، لذا سمي بالتقويم الهجري.
كان يوم الجمعة، 1 المحرم من عام 17 للهجرة هو بداية أول سنة هجرية، و وافق السادس عشر من شهر يوليو من العام 622 من الميلاد.

تأسس التاريخ الهجري على التقويم القمري الذي يعتمد على دورة القمر لمعرفة الأشهر وتحديدها، قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ ( سورة يونس، الآية 5).
الأشهر القمرية التي وضعها الله سبحانه و تعالى يوم خلق السموات والأرض 12 شهرا. و هي حسب الترتيب: المحرم، و صفر، و ربيع الأول، و ربيع الآخر، و جمادى الأولى، و جمادى الآخرة، و رجب، و شعبان، و رمضان، و شوّال، و ذو القعدة، و ذو الحجّة. منها 4 أشهر حرم و هي:
  • ذو القعدة،
  • ذو الحجة،
  • المحرم،
  • رجب.

قال عز و جل: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ (سورة التوبة، الآية 36)

و كان المسلمون يحددون بداية الشهر على ظهور الهلال، و نهايته على اختفاء القمر. كما يضبطون عدد أيامه بين تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين يوما، حسب سير القمر ونزولِه في منازلِه.

يكتسب تحديد الأشهر القمرية أهمية دينية كبيرة في الإسلام، حيث يتوقف على ذلك مواقيت خاصة لكثير من العبادات، لقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ ( سورة البقرة، الآية 189)، فشهر رمضان للصيام، و شهر ذو الحجة للحج، و  كذلك أيام يستحب فيها الصيام، كالعشرة أيام من ذي الحجة، و ستة أيام من شهر شوال، والعاشر من محرم،  و غيرها.

إضغط لإضافة تعليق